فصل: تفسير الآية رقم (17):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير ابن عبد السلام (نسخة منقحة)



.تفسير الآية رقم (108):

{خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا (108)}
{حِوَلاً} بدلاً، أو تحويلاً، أو حيلة منزل غيرها.

.تفسير الآية رقم (109):

{قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا (109)}
{كَلِمَاتُ رَبِّى} وعده بالثواب والعقاب، أو ذكر ما خلق وما هو خالق، أو علم القرآن، عجز الخلق عن إحصاء معلوماته ومقدوراته.

.تفسير الآية رقم (110):

{قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (110)}
{يَرْجُواْ} يخاف، أو يأمل، أو يصدق به {لِقَآءَ رَبِّهِ} لقاء ثواب ربه، أو لقاءه بالبعث والوقوف بين يديه {صَالِحاً} خالصاً من الرياء، إو إذا لقي الله تعالى به لم يستحي منه، أو عمل الطاعة وترك المعصية {بِعِبَادَةِ رَبِّهِ} يريد بالرياء، أو الشرك بالأصنام، قيل نزلت في جندب بن زهير أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إنا نعمل العمل نريد به وجه الله تعالى فيثنى به علينا فيعجبنا، وإني لأصلي الصلاة فأطولها رجاء أن يثنى بها عليَّ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله تعالى يقول: أنا خير شريك فمن شاركني في عمل يعمله لي أحداً من خلقي تركته وذلك الشريك» ونزلت هذه الآية فتلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقيل إنها آخر آية نزلت من القرآن والله تعالى أعلم. والحمد لله وحده وصلواته على سيدنا محمد وعلى آل محمد وصحبه وسلامه، وحسبنا الله تعالى ونعم الوكيل.

.سورة مريم:

.تفسير الآية رقم (1):

{كهيعص (1)}
{كهيعص} اسم للسورة أو للقرآن أو لله تعالى أو استفتاح للسورة أو تفسير (لا إله إلا الله) من حروف الجُمَّل، الكاف عشرون، والهاء خمسة والياء عشرة، والعين سبعون، والصاد تسعون، كذلك عدد حروف لا إله إلا الله، أو حروف من حروف أسماء الرب، الكاف من كبير أو كافٍ أو كريم، والهاء من هادٍ، والياء من حكيم أو يمين أو أمين أو يا من يجيب من دعاه ولا يخيب من رجاه، أو يا من يجير ولا يجار عليه، قاله الربيع بن أنس، والعين من عزيز أو عالم أو عدل، والصاد من صادق.

.تفسير الآية رقم (3):

{إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا (3)}
{خَفِيّاً} لا رياء فيه، أو أخفاه لئلا يستهزأ به لبعد ما طلبه.

.تفسير الآية رقم (4):

{قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا (4)}
{وَهَنَ} ضعف وإذا وهن العظم مع قوته فوهن اللحم والجلد أولى، أو شكا ضعف البطش الذي يقع بالعظم دون اللحم {وَاشْتَعَلَ} شبه انتشار الشيب في الرأس بانتشار النار في الحطب. {شَقِيّاً} خائباً، كنت لا تخيبني إذا دعوتك.

.تفسير الآية رقم (5):

{وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (5)}
{خِفْتُ الْمَوَالِىَ} العصبة، أو الكلالة، أو بنو العم وكانوا شرار بني إسرائيل، سموا موالي لأنهم يلونه في النسب بعد الصلب، أو الأولياء أن يرثوا علمي دون نسلي، وخافهم على الفساد في الأرض، أو على نفسه في حياته، وعلى أسبابه بعد موته {وَرَآءِى} قدامي، أو بعد موتي.

.تفسير الآية رقم (6):

{يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آَلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا (6)}
{يَرِثُنِى} مالي {وَيَرِثُ مِنْ ءَالِ يَعْقُوبَ} النبوة، أو يرثهما العلم والنبوة، أو منه النبوة ومن آل يعقوب الأخلاق، أو يرث مني العلم ومن آل يعقوب الملك، فأجيب إلى وراثة العلم دون الملك، قاله ابن عباس رضي الله تعالى عنهما روي عن الرسول صلى الله عليه سلم قال: «يرحم الله زكريا ما كان عليه من ورثة» {رَضِيّاً} مرضي الأخلاق والأفعال، أو راضياً بقضائك وقدرك.

.تفسير الآية رقم (7):

{يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا (7)}
{نُبَشِّرُكَ} بإجابة الدعوة، وإعطاء الولد، وتفرد الرب عز وجل بتسميته اختصاصاً له واصطفاء، سمي يحيى، لأنه حَيَ بين شيخ وعجوز. {سَمِيّاً} لم تلد العواقر مثله فلا مثل له ولا نظير، أو لم نجعل لزكريا قبل يحيى ولداً، أو لم نُسمِّ أحداً قبله باسمه.

.تفسير الآية رقم (8):

{قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا (8)}
{عَاقِراً} لا تلد؛ لأنها تعقر النسل أي تقطعه، أو لعقر رحمها للمني وإفساده وسأل عن أن الولد يأتيهما شابين أو شيخين. {عِتِيّاً} يسباً وجفافاً، أو نحول العظم، أو سناً.
قال:
إنما يُعذر الوليد ولا يُع ** ذر من كان في الزمان عتيا

.تفسير الآية رقم (10):

{قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آَيَةً قَالَ آَيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا (10)}
{ءَايَةً} دالة على الحمل، أو على أن البُشرى من الله دون إبليس لأن الشيطان أوهمه ذلك، قاله الضحاك {ثَلاثَ لَيَالٍ} اعتقل لسانه ثلاثاً من غير مرض ولا خرس عن كلام الناس دون ذكر الله تعالى {سَوِيّاً} صحيحاً من غير خرس، أو يرجع إلى الليالي أي متتابعات.

.تفسير الآية رقم (11):

{فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا (11)}
{فَخَرَجَ} أشرف على قومه. {مِنَ الْمِحْرَابِ} المصلى، أو ما ينصب ليصلى بإزائه لأن المصلي كالمحارب للشيطان، أو من مجلس الأشراف الذي يحارب دونه ذباً عن أهله فكأن الملائكة تحارب عن المصلي ذباً عنه.
{فَأَوْحَى} أومى، أو أشار، أو كتب على الأرض، والوحي الكتابة قال:
كأن أخا اليهود يخط وحياً ** بكاف من منازلها ولام

{سَبِّحُواْ} صلوا سميت به لاشتمالها على التسبيح.

.تفسير الآية رقم (12):

{يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآَتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا (12)}
{خُذِ الْكِتَابَ} قاله زكريا عليه الصلاة والسلام ليحيى حين نشأ، أو قاله الله تعالى حين بلغ، والكتاب: التوراة، أو صحف إبراهيم. {بِقُوَّةٍ} بجد واجتهاد، أو بامتثال الأمر واجتناب المناهي. {الْحُكْمَ} اللب، أو الفهم، أو العلم أو الحكمة، قال له الصبيان: اذهب بنا نلعب فقال: ما للعب خُلقت قيل كان ابن ثلاث سنين.

.تفسير الآية رقم (13):

{وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا (13)}
{وَحَنَاناً} رحمة. قال:
أبا منذر فاستبق بعضنا ** حنانيك بعض الشر أهون من بعض

أو تعطفاً، أو محبة، أو بركة أو تعظيماً، أو آتيناه تحنناً على العباد. {وَزَكَاةً} عملاً زاكياً، أو صدقة به على والديه، أو زكيناه بثنائنا عليه. {تَقِيّاً} مطيعاً، أو براً بوالديه.

.تفسير الآية رقم (16):

{وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا (16)}
{انتّبَذَتْ} انفردت، أو اتخذت، {شَرْقِيّاً} جهة المشرق فاتخذتها النصارى قبلة أو مشرقة الدار التي تظلها الشمس، أو مكاناً بعيداً.

.تفسير الآية رقم (17):

{فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا (17)}
{حِجَاباً} من الجدران، أو من الشمس جعله الله تعالى لها ساتراً قاله ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، أو حجاباً من الناس، انفردت في ذلك المكان للعبادة، أو كانت تعتزل فيه أيام حيضها. {رُوحَنَا} الروح الذي خُلق منها المسيح حتى تمثل بشراً، أو جبريل عليه السلام لأنه روحاني لا يشوبه غير الروح، أو لحياة الأرواح به، فنفخ جبريل عليه السلام في جيب درعها وكمها فحملت، أو ما كان إلا أن حملته فولدته، قاله ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وكان حملها تسعة أشهر، أو ستة أشهر، أو يوماً واحداً، أو ثمانية أشهر، ولم يعش لثمانية سواه آية له.

.تفسير الآية رقم (18):

{قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا (18)}
{تَقِيّاً} اسم رجل إسرائيلي مشهور بالعهر، لما دنا منها جبريل عليه السلام خافت فاستعاذت من ذلك العاهر، قاله ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، أو إن كنت تقياً لله امتنعت خوفاً من استعاذتي به.

.تفسير الآية رقم (23):

{فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا (23)}
{فَأَجَآءَهَا} ألجأها، أو جاء بها. {يَالَيْتَنِى مِتُّ} تمنت الموت حياء من التهمة، أو لئلا يأثم الناس بقذفها، أو لأنها لم تر في قومها رشيداً ذا فراسة يبرئها من السوء. {نسياً منسياً} لم أخلق، أو لا يدري من أنا، أو سقطاً، أو إذا ذكرت لم أُطلب، والنسي ما أُغفل من شيء حقير.

.تفسير الآية رقم (24):

{فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (24)}
{فَنَادَاهَا}، جبريل، أو عيسى {مِن تَحْتِهَآ} من مكان أسفل من مكانها، أو من بطنها بالقبطية {سَرِيّاً} عيسى، السروات: الأشراف، أو السري النهر بالنبطية أو العربية من السراية لأن الماء يسري فيه، قيل يطلق السري على ما يعبره الناس من الأنهار وثباً.

.تفسير الآية رقم (25):

{وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا (25)}
{النَّخْلَةِ} برنية، أو عجوة، أو صرفانة أو قريناً ولم يكن لها رأس وكان الشتاء فجعلت آية، قيل اخضرت وحملت ونضجت وهي تنظر {جَنِيّاً} مترطب البسر، أو الذي لم يتغير، أو الطري بغبار.

.تفسير الآية رقم (26):

{فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا (26)}
{فَكُلِى} الجني {وَاشْرَبِى} من السري {وَقَرِّى عَيْناً} بالولد، طيبي نفساً، أو لتسكن عينك سروراً أو لتبرد عينك سروراً، دمعة السرور باردة ودمعة الحزن حارة {صَوْماً} صمتاً أو صوماً عن الطعام والشراب وصمتاً عن الكلام، تركت الكلام ليتكلم عنها ولدها ببراءتها، أو كان من صام لا يكلم الناس فأُذن لها في هذا القدر من الكلام.

.تفسير الآية رقم (27):

{فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا (27)}
{فَرِيّاً} قبيحاً من الافتراء، أو عجيباً، أو عظيماً، أو باطلاً، أو متصنعاً من الفرية وهي الكذب.

.تفسير الآية رقم (28):

{يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (28)}
{يَا أُخْتَ هَارُونَ} لأبويه أو نسبت إلى رجل صالح كان أسمه هارون تنسب إليه من تعرف بالصلاح مروي عن الرسول صلى الله عليه وسلم أو نسبت إلى هارون أخي موسى لأنها من ولده كما يقال: يا أخا بني فلان أو كان رجلاً معلناً بالفسق فنسبت إليه.

.تفسير الآية رقم (29):

{فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (29)}
{فَأَشَارَتْ} إلى الله تعالى فلم يفهموا إشارتها، أو إلى عيسى على الأظهر ألهمها الله تعالى ذلك بأنه سيبرئها، أو أمرها به {مَن كَانَ} صلة، أو بمعنى يكون {الْمَهْدِ} سرير الطفل، أوة حجرها غضبوا لما أشارت إليه وقالوا: لسخريتها بنا أعظم من زناها، فلما تكلم قالوا: إنَّ هذا لأمر عظيم.

.تفسير الآية رقم (30):

{قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آَتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30)}
{ءَاتَانِىَ} سيؤتيني {وَجَعَلَنِى} سيجلعني، أو كان وقت كلامه في المهد نبياً كامل العقل، قاله الحسن رضي الله تعالى عنه وكلمهم وهو ابن أربعين يوماً.

.تفسير الآية رقم (31):

{وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (31)}
{مُبَارَكاً} نفّاعاً، أو معلماً للخير، أو عارفاً بالله تعالى داعياً إليه، أو آمراً بالعُرْف ناهياً عن المنكر. {بِالْصَّلاةِ} ذات الركوع والسجود، أو الدعاء {وَالزَّكَاةِ} للمال، أو التطهير من الذنوب.